
في العقدين الأخيرين، شهد العالم تحولًا جذريًا في الطريقة التي تُمارس بها الفنون في المساحات الحضرية. لم يعد الفن الحضري محصورًا في الجداريات والرسم على الجدران، بل أصبح جزءًا من بيئة رقمية تتفاعل فيها التكنولوجيا والفن بشكل غير مسبوق. من الواقع المعزز إلى الطباعة ثلاثية الأبعاد، أصبحت الأدوات التقنية جزءًا لا يتجزأ من لغة الفنان الحضري الحديث. ولكن مع هذه القفزة التكنولوجية، تنشأ أيضًا حاجة متزايدة إلى الأمن السيبراني وتجاوز القيود الإقليمية، خصوصًا في ظل الرقابة الصارمة في بعض البلدان.
التكنولوجيا والحاجة إلى تجاوز الرقابة
كثير من الفنانين الحضريين يعتمدون على أدوات رقمية متصلة بالإنترنت لإنشاء أعمالهم أو نشرها أو حتى التعاون مع فنانين من دول أخرى. لكن العقبات لا تنحصر في التقنية وحدها. في بعض البلدان، يُحظر الوصول إلى مواقع معينة أو منصات فنية أو حتى أدوات تحرير الصور والفيديو. هنا تظهر أهمية أدوات مثل VeePN و تطبيقات VPN، التي تتيح للمستخدمين تنزيل تطبيقات VPN لأجهزة الكمبيوتر أو استخدام بث آمن على ماك بوك، مما يمكّن الفنانين من تجاوز الحجب الجغرافي والرقابة والتمتع بحرية الوصول إلى المصادر والأدوات التي يحتاجونها.
الحماية السيبرانية أيضًا تُعد عنصرًا أساسيًا؛ فالكثير من الفنانين يتعرضون لهجمات سيبرانية، سواء من مجموعات مجهولة الهوية أو حتى من جهات حكومية تحاول إسكات أصواتهم. في عام 2022، أفادت منظمة “Electronic Frontier Foundation” أن أكثر من 30% من الفنانين الرقميين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعرضوا لمحاولات اختراق أو مراقبة رقمية أثناء مشاركتهم في مشاريع ذات طابع اجتماعي أو سياسي.
الواقع المعزز والجداريات الرقمية
واحدة من أبرز التكنولوجيات التي قلبت موازين الفن الحضري هي تقنية الواقع المعزز (AR). هذه التقنية سمحت للفنانين بخلق أعمال يمكن للجمهور التفاعل معها باستخدام هواتفهم الذكية. على سبيل المثال، يمكن لمستخدم أن يوجّه هاتفه نحو جدارية ليظهر له مشهد ثلاثي الأبعاد أو مقطع صوتي يروي قصة العمل.
في ساو باولو البرازيل، تم استخدام الواقع المعزز في مشروع “Cidade Invisível” لعرض معاناة الفئات المهمشة من خلال صور متحركة تظهر فوق الرسومات التقليدية. مثل هذه الأعمال ما كانت لتحدث دون الاعتماد على تقنيات متقدمة تتطلب اتصالًا مفتوحًا وآمنًا بالإنترنت، وهو ما يعزز الحاجة إلى أدوات تجاوز الرقابة مثل VeePN.
الطباعة ثلاثية الأبعاد وإعادة تشكيل الفضاء
التكنولوجيا لا تقتصر على الوسائط الرقمية فقط. الطباعة ثلاثية الأبعاد أصبحت أداة مركزية في يد فنانين مصريين يرغبون في إعادة تشكيل المساحات العامة. من تصميم المقاعد الحضرية إلى النصب التفاعلية، توفر الطباعة ثلاثية الأبعاد إمكانية فريدة لإنتاج أعمال فنية مستدامة وقابلة للتخصيص بتكلفة منخفضة نسبيًا.
وفقًا لتقرير صادر عن في عام 2023، تجاوزت قيمة سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد العالمي 20 مليار دولار، وكان جزء معتبر منها موجهًا إلى تطبيقات فنية وتصميمية.
شبكات التواصل والمنصات الرقمية: حاضنة الفن الحضري الجديد
انتشار الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي مثل انستقرام و تيك توك، حول الفنان الحضري من مجرد رسام على الجدران إلى مؤثر بصري يتابعه ملايين الناس. هذه المنصات أصبحت المكان الرئيسي لتوثيق ونشر الأعمال الفنية وتبادل الخبرات مع فنانين من أنحاء العالم. لكنها أيضًا قد تكون ساحة للرقابة، ما يدفع الفنانين إلى استخدام شبكات خاصة افتراضية لضمان تواصل آمن ومفتوح.
الذكاء الاصطناعي: شريك فني أم خصم؟
مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى ساحة الفنون، ظهرت تساؤلات جديدة حول الأحقية، الأصالة، ودور الإنسان في عملية الإبداع. بعض الفنانين استفادوا من أدوات الذكاء الاصطناعي لإنتاج أعمال مذهلة، مثل تحويل كلمات إلى لوحات بصرية أو تحليل بيانات حضرية لتحديد أماكن تحتاج إلى تجميل فني.
لكن آخرين عبّروا عن قلقهم من أن التكنولوجيا قد تسلب الفنان شخصيته. في دراسة نشرتها مجلة “ArtNet” عام 2024، صرح 57% من الفنانين بأنهم يشعرون بالقلق من فقدان التميز الإبداعي في ظل انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر.
الذكاء الجماعي والمنصات المفتوحة: حراك فني بلا حدود
في العصر الرقمي، أصبحت الحدود الجغرافية أقل أهمية من أي وقت مضى بالنسبة للفنانين الحضريين، وذلك بفضل المنصات المفتوحة والمجتمعات الفنية الرقمية. من خلال مواقع مثل Behance أو DeviantArt أو حتى Reddit، يستطيع الفنانون مشاركة أعمالهم، تلقي الملاحظات، والانضمام إلى تحديات فنية جماعية تُنتج أعمالًا تفاعلية ذات طابع عالمي. هذا ما يسمى بـ”الذكاء الجماعي”، حيث تُبنى المشاريع الإبداعية على أفكار وتفاعلات الآلاف من الأفراد، وليس فقط على موهبة فردية واحدة.
تجارب مثل مشروع “Inside Out” للفنان الفرنسي JR، الذي اعتمد على صور مرسلة من مشاركين في أكثر من 100 دولة، تؤكد على أن الحراك الفني لم يعد محصورًا بمدينة أو حي، بل أصبح عالمياً بامتياز. ومن أجل الانخراط الفعال في مثل هذه المبادرات، يحتاج الفنانون إلى أدوات تحررهم من القيود، مثل تطبيقات VPN التي تُمكّنهم من الوصول إلى محتوى وخدمات محجوبة أو غير متاحة في منطقتهم. في الانفتاح على مصادر الإلهام العالمية، والمشاركة في المجتمعات الرقمية، لم يعد خيارًا إضافيًا، بل ضرورة فنية في زمن يتغير بسرعة فائقة، وتلعب فيه التكنولوجيا دورًا حاسمًا في رسم ملامح الفن الحضري القادم.
الختام: التكنولوجيا أداة، لا بديل
من الواقع المعزز إلى الطباعة ثلاثية الأبعاد، ومن حماية الخصوصية إلى نشر الإبداع عبر شبكات الإنترنت، تلعب التكنولوجيا دورًا محوريًا في تطور الحركات الفنية الحضرية. لكنها تظل، في النهاية، أداة بيد الفنان، لا بديلًا عن إحساسه وشغفه.
فبينما توفر التكنولوجيا إمكانيات لا حصر لها، يبقى التعبير الإنساني، مهما تطور المحيط التقني، هو جوهر الفن. واستخدام الأدوات المناسبة مثل VeePN لا يضيف فقط بعدًا تقنيًا للفنان، بل يضمن له أيضًا الحرية، الخصوصية، والوصول إلى مساحة إبداعية مفتوحة بلا قيود.